و بالنظر إلى ثقافة الشعوب العربية نجد اننا نشعر بنوع من الانهزامية و ثقافة الخوف من الواقع الذي قد يخبرنا أن نقول ما قد يرغب به المجتمع و لا نريده و بالتالي هذا النوع من الثقافة قد يقودونا الى العنوان الى ثقافة التبرير البارزة تماما في سلوكياتنا و أخلاقياتنا و بالتالي السلبيات التي قد لا ندركها لاننا لا ننظر الى بمنظور واحد منظور لا أقول الانا (حب الذات ) فقط و انما من النفسية المثالية التي قد لا تستطيع التعايش مع الأخر و هذه تعرف ب السوبر أنا أي المثالية المطلقة التي عاشها أصحاب أفلاطون .
الحقيقة اذا عرفنا انها لا تعني القيمة المطلقة و انما تعني الموضوعية و التجرد من الاهواء و بناء على مبدأ النسبية نستطيع أن نفهم الاخر و نتعايش معه وفقا لمشتركاتنا الانسانية على اقل التصورات و الاعتبارات و لا نقصد هنا مطلق النسبية اذ أن هذا المبدأ اصلا قد يبدوا مناقضا لنفسه اذا عرفنا أن الحقيقة نسبية اذا قد يكون هذا المصظلح نسبي ايضا و ايضا قد يناقض هذا المبدأ بعض المعتقدات الدينية التي نؤمن بها .
اذا الحقيقة هي ما أملك ينقصها ما تملك و لا تكون بالرغبة الذاتية اذا أن كون الشيء من عدمه ليس الا من الموضوعية التي قد يحملها و هذا _ في تصوري _ لا يختلف عليه اثنان لانه نابع من المكنون الداخلي العميق و لعل أصدق تعبير عن ذلك التعبير النبوي الشريف : ((البر حسن الخلق, و الاثم ما حاك في صدرك و خشيت أن يطلع عليه الناس )) و هنا يتبادر الى الذهن السؤال التالي: الى اي مدى نحن مستعدين الى التحلي بهذه السلوكيات التي تجعل من الانسان شخصا (اريد أن اكون للجميع) و ليس تبعا لما أهوى ؟ خصوصا على الاصعدة و الشخصيات العليا السياسية و الفكرية في الوطن لاننا في نريد أن نكون أولا في وطننا ثم ننطلق بهذه الثقافة الى العالم . ينبغي علينا أن ننظر الى المستقبل و نحن ننتطلع الى حاضرنا و ماضينا معا لا أن نسير الى الامام و نحن ننطر الى الخلف بحجة التأريخ.
قد نصل في مرحلة من التبرير الى الغاء ثقافة النقد الذاتي وضع التبرير مكانها و بالتالي قد نعيش في تناقضات غير مسوغة نشعر بها من الداخل و لكننا لا نستطيع الافصاح عنا و ذلك لاننا ألغينا جزء مهم من الحياة التي استطاع من خلالها المخلصين بناء الذات و قدموا الكثير للبشرية لانهم بدأوا بنقد الذات على المستوى الفردي ثم المستوى العام و من ثم لم يعايشوا التزييف و التقنيع كما عبر الشعر عن ذلك بقوله :
يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام و ذي الضنى كيما يصحو به و أنت سقيم
ابدأ بنفسك و انهها عن غيها فإذا انتهت فأنت عظيم
لا تنه عن خلق و تأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
و لعلنا نجد دروس القرءان الكريم تدلنا على الاستخدام المغلوط لهذه الثقافة بما يخدم الأهواء و الرغبات التي نحملها وقد لا يخلوا الكثير من هذه السلبية (( و منهم من يقول ائذن لي و لا تفتني ألا في الفتنة سقطوا)) يخبرنا الله سبحانه عن أوليك الذين سقطوا في مرض النفاق و جلب الأعذار بحجة عدم الصبر عند رؤية النساء و الخوف من الفتنة من منظورهم الخاص لذلك يقول علماء النفس عن هذه الثقافة بانها نوع من الكذب اللاوعي اي ما يسمى كذب الباطن و هذا من أخطر أنواع الكذب لانه يسلب صاحبه الحقيقة قبل الآخرين و يجعله يعيش في وهم طويل قد يدرك حقيقتها في اليوم الاخر : (( قال ربي لما حشرتني أعمى و قد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تنسى. )) .
في الختام لقد سادت هذه الثقافة في تأريخنا و ربما كانت هي وراء الاختلافات و الفرق التي نشأت في التأريخ الاسلامي من الجبرية الى فتنة خلق القرءان الى غيرها من الاحداث و وراءها هي النفس المبررة المحبه لما تحمله و تعنقده الحق المطلق و كان ضررها شاملا الجميع .