Sunday 22 September 2013

ثقافة التعايش.. ماليزيا أنموذجاً





ثقافة التعايش.. ماليزيا أنموذجاً


بما أن التنوع و الاختلاف البشري سنة إلهية من سنن الكون {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ}..  كان تعايش الأمم هو أساس استقرارها و بناء حاضرها ومستقبلها.. و قد يسأل سائل أيضاً من سنن الله التدافع في الارض؟! وهذا صحيح إذ أنه لا يختلف مع سنة التعايش، فالتدافع سنة تقتضي إزالة الظالمين واحلال العدل مكان الظلم، بينما التعايش يقتضي قبول الأخر و قبول الاختلاف معه في بيئة مجتمعية معينة.

يرى خبراء علم الاجتماع أن من مؤشرات النضوج والسلم الاجتماعي هو قبول الأخر، وقبول الاختلاف مع الرأي بطريقه متحضرة لا تخلو من الرومانسية التي تفتقدها مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص.. ثقافة التعايش فيها دلالة كبيرة على سلامة النفس والعقل من الأفكار والأنماط التقليدية التي تقف حاجزعثرة في بناء المستقبل.. إذ انه و بدونها تحتدم الصراعات العبثية في المجتمعات و يخسر الكل من وراء ذلك.. وتأتي القاعدة القرآنية واضحة جلية في وصف التعايش الاجتماعي عموماً مع أي الاجناس و مع مختلف العقائد: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

إن الناظر إلى المجتمع الماليزي وبغض النظر عن أشياء قد لا تناسب ثقافتنا العربية، إلا أننا نجد التناغم الكبير بين مختلف الشرائح العاملة فيه.. فنجد الماليزي الأصل يعمل بكل تفاني واحترام الى جوار الماليزي الهندي الأصل او الصيني الأصل.. هذا التناغم ما نفتقده في مجتمعاتنا العربية للأسف، وبمجرد أن تختلف مع شخص معين في قضية رأي عام يصفك بالعدو، وتبدأ مع ذلك التصنيفات الحزبية والسياسية لدرجة أنه قد لا يلقي عليك السلام إذا ما صادفك في الشارع أو في مكان ما.. وهنا نتسائل: " أليس نحن أولى بموسى مهنم؟" بمعنى أخر أليس نحن العرب من يفقه تعاليم الإسلام أكثر من غيرنا، فأحرى بأن نكون أكثر المجتمعات نضجا وتمدنا؟ لماذا أصبح الناظر إلينا كعرب لا يرى فينا سوى صفات الاختلاف والعنف، بل والإرهاب؟ أليس ذلك يُعدّ جناية على مستقبلنا وتأريخ أمتنا؟ أسئلة اعتقد الكل يعرف الإجابة عليها، ولكن ما نجهله هو كيف نجعل مقوماتنا التي نمتلكها جزء من طريقة تعاملنا مع الأخر.. أما الكيفية التي يتم من خلالها نشر هذه القيمة بين مكونات المجتمع، فإن الأمر يتطلب جهداً وتخطيطاً دقيقاً وتنفيذاً مخلصاً من لدن الجهات المعنية والنظر إلى المستقبل بعيداً عن صراعات الماضي.

في الأخير لابد من الإقرار بأن امتلاك الحقيقة المطلقة مجرد افتراء لأنه يؤدي الى نسف ما يملكه الأخرون من آرأء وأفكار ومعتقدات.. إذ أن الواقع يقول أن الحقيقة مشتركة بين جميع الأطياف المجتمعية، فالحقيقة ما تملكه وينقصها ما أملك.